• أرشيف المواضيع

  • التصنيفات

  • أضفنا

    Bookmark and Share

احتراف الكذب!

n00036807-b

ليلة إعلان النتيجة النهائية غير الرسمية لاستفتاء الشعب المصرى على الدستور، أبرزت قناة العربية التى يسميها كثير من الناس “العبرية” الخليجية خبر استقالة نائب الرئيس المصرى محمود مكى من منصبه وكررته مرارا، وركزت على قوله إن العمل السياسى لا يناسبه لأنه يجد نفسه فى وظيفة القاضى الذى يحكم بين الناس. 

المستشار محمود مكى يفترض أن يغادر منصبه السياسي (نائب الرئيس) تلقائيًا، لأن الدستور الجديد ألغى هذا المنصب ووضع بدائل فى حالة خلو منصب الرئيس. قناة العبرية التى تحالفت مع المرشح الخاسر الذى يحج إلى دبى منذ ستة أشهر، جعلت الخبر دليلا على انهيار النظام فى مصر، حيث أضافت لخبر استقالة المستشار مكى استقالة مجموعة من المستشارين الذين انسحبوا منذ أسابيع من المجلس الاستشارى الذى كونه الرئيس عقب توليه السلطة بسبب الإعلان الدستورى، بما يوحى أن الحدث (استقالة المستشار والآخرين) تمت فى لحظة واحدة احتجاجًا على رفض الدستور والنظام جميعًا.

قناة العبرية الخليجية نموذج للتدليس البشع الذى يهبط إلى أحط درجات الكذب فى تغطيتها لما يجرى فى مصر، فمن يرى ويسمع الأخبار التى تنقلها يتصور أن مصر تحولت إلى شوارع من الدم والنار والخراب، وفى الوقت نفسه تستضيف الأقليات السياسية والطائفية المعادية للأغلبية الإسلامية ومنهجها وطموحاتها وتتبنى أقوالها وادعاءاتها. إن إعلانات العبرية الخليجية عن برامجها وتقديمها لموضوعاتها التى تخص مصر، والتركيز على ما يقوله خصوم الإسلام والأغلبية الإسلامية يمثل حالة من التدليس البشع والتضليل المريع. شاشة العبرية الخليجية تمتلئ بنوعية متشابهة من عناصر الأقليات السياسية والطائفية يرددون مضمونا واحدا وفكرا واحدا وأسلوبا واحدا، وإذا حدث استثناء وظهر عنصر واحد من الأغلبية قاطعوه وشوشوا عليه ولم يمهلوه كى يتكلم، وذلك من أجل تثبيت الأكاذيب والأضاليل والأراجيف التى يروجون لها..

وجاءت الرياح بما لا يَشتهى السَّفِن، فقد انحاز الشعب المصرى لدينه وإسلامه وصوت بأغلبية كبيرة، أو مريحة حسب البى بى سى، للدستور، وأنهى جدلا طويلا  أثارته قوى الشر التى لا تريد استقرارا للبلاد ولا أمنا، وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن العبرية الخليجية ومثيلاتها فى الخليج ومدينة الإنتاج الإعلامى بل فى الإعلام الرسمى الذى يمتلكه الشعب المصرى؛ أن مصر المسلمة تختلف عن النخبة الخائنة، وأن المصريين يفهمون الأمور وهى طائرة كما يقولون، ولذا فإن الإنفاق السفيه غير المسبوق على إعلام الكذب والتضليل والتدليس لم يثمر ما يرده أنصار الطغيان والاستبداد وأعداء الحرية والكرامة، وعبر الشعب عما يريد فى أسلوب راقٍ متحضر لم يعرفه الشرق منذ عقود وربما قرون دون أن تسيل قطرة دم واحدة.

لقد كان من تجليات كذب الطغاة والمستبدين فى حروبهم الرخيصة أن تقوم إحدى الناشطات المصريات مع أخريات ضمن منظمة “فيمن” بالتعرى أمام السفارة المصرية بالسويد احتجاجًا على الدستور المصرى، ويضعن على مواضع العفة المصحف الشريف، و”لا للإسلام”! كما كتبن على الأجساد العارية تماماً عبارة “الشريعة ليست دستوراً”، “الدين عبودية” و”لا للإسلاميين. نعم للعلمانية” و”نهاية العالم مع مرسي”. وقد أسفرت المنظمة ومقرها كييف، عن أهدافها التعصبية الشريرة فى بيان لها بعنوان “محمد نهاية العالم”، كما ذكر البيان، أن ناشطات المنطمة والناشطة المصرية “تداعين ليقلن لا لدستور الشريعة فى مصر”.

كما دعت المنظمة “شعب مصر العظيم إلى منع حصول هذا القمع الدينى(؟؟) لمن يبدو أنه النبى الجديد مرسى ومنح الفرصة لمصر لتحصل على التطوّر الديمقراطى المناسب(!)”. 

إذن القضية كما بشرت بها العاريات صراحة هى رفض الإسلام والشريعة والرئيس المنتخب، وهو ما عبرت عنه إعلامية سميت مذيعة الكفن وتنتمى إلى الفلول، تلك التى أعلنت بلا مواربة: الإسلاميون “هيخرجوا بالدم”، ووصفت الإسلاميين بأنهم عبارة عن “مجموعة من المتأسلمين خرجوا من الجحور والصخور، ويعتقدون أنهم يستطيعون السيطرة على شعب مصر، متسائلة فى مؤتمر لجبهة الإنقاذ الوطني،هل هؤلاء عقلاء؟! ثم شبهتهم بـ”القراد” لا يخرجون إلا بالدم، وتوعدتهم  قائلة: “دم بدم نخلص منهم”!

هذه هى حقيقة ما يفكر فيه من يعارضون الدستور، فضحتهم تصرفات بعض المنتسبين إليهم من الناشطات العاريات أو مذيعة الكفن، أما ما جرى على الشاشات وصفحات الصحف فكان كذبًا مشينًا، عبر عن عبقرية شريرة فى احتراف الكذب على الله والناس، رأينا نماذج عديدة منه ليس أولها ولا آخرها أن الدستور يقسم الوطن، وأنه يكرس التمييز بين المواطنين ويحرم تعليم اللغات الأجنبية ويؤسس لدولة دينية كهنوتية. وهذه كلها وغيرها أكاذيب رد عليها متخصصون بالدليل والبرهان.

لقد قام أحد المستشارين وهو رئيس محكمة بإجبار إعلامى كذاب على الاعتذار له على الهواء مباشرة، بعد أن ادعى مراسل شاشته أن ذلك القاضى ضبط متلبسًا وهو يقوم بالتصويت لأحد المواطنين بينما كان القاضى خارج البلاد.

وقد تكفلت الكاميرا بدحض أكذوبة كبرى روجت لها إحدى المذيعات التابعات للنظام الفاسد السابق حين زعمت أن هناك تزويرا فى لجان الانتخابات يقوم على الورقة الدوارة. وإذا بالصور تكشف عن الناخبة اللصة التى قيل إنها غير مسلمة وهى تسرق ورقة التصويت وتضعها فى حقيبتها لتخرج بها إلى فريق الشياطين الكذبة فى إعلام الكذب المحترف. وقد أدرك رئيس اللجنة الانتخابية الجريمة فأجهضها، ولكن فاتت جرائم أخرى استغلها الكذبة فى التشويش والتشهير والكذب الأحمق.

 ومهما يكن من أمر فإن إعلام الكذب المحترف تجب مقاومته سواء فى الداخل أو الخارج، وأن يكون هناك إعلام إسلامى قوى يواجه الحملة الإجرامية ضد الإسلام والوطن، مع توجيه الشكر لأجهزة الإعلام الإسلامية المتواضعة الموجودة على الساحة فى جهادها الرائع الذى بذلته فى مواجهة إعلام الكذب الفاجر.

استأذنوا الكنيسة أولاً!

54525_447860905249816_68308748_o

لو أن الرئيس المنتخب استأذن الكنيسة فيما يقول ويفعل لاختلف الأمر تمامًا. ولَسَلِم من ألسنة الكتاب والمذيعين والمتحدثين الذين يسمون أنفسهم بالقوى المدنية والوطنية، وضمن أن كلاب الحراسة الأمنية لن تصفه بالديكتاتور والطاغية وهتلر وفرعون، فضلاً عن المبتذل من الأوصاف التى لا يسمح لى خلقى بذكرها. لو استأذن الرئيسُ الكنيسة لتمّ قبول الدستور ومن قبله الجمعية التأسيسية والإعلانات الدستورية، وأيضًا ما جرى حل مجلس الشعب والتهديد بحل مجلس الشورى.. الاستئذان واجب ومطلوب من دولة الكنيسة التى صارت فوق الدولة المصرية منذ تولاها شنودة الثالث حتى شنودة الرابع الذى أعلن بكل صراحة ووضوح أنه لا يريد أن يتضمن الدستور شيئًا يشير إلى إسلامية الدولة أو دينية الدولة وفقا لتعبيره الدقيق، حيث رأى أن المادة 220 التى صارت 219 فى الترتيب الدستورى مادة كارثية!

الكنيسة لا تريد أى أثر للإسلام فى مصر المسلمة، ورئيسها استقبل رموز التيار العلمانى جميعًا، وعندما أراد مرشد الإخوان أن يذهب لتهنئته، رفض الزيارة التى تحدد موعدها من قبل، وفقا لمنهجه فى المحبة!

بعد أن زار رموز التيار العلمانى الكنيسة وتلقوا بركاتها انسحبوا من الجمعية التأسيسية، ومعهم ممثلو الكنائس الثلاث: الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية. وكانت هناك ضغوط لسحب ممثلى الأزهر، ولكن الله سلّم.  

ومع متابعة الجمعية التأسيسية لعملها فى إنجاز الدستور قام العلمانيون ومعهم لأول مرة أعداد هائلة من النصارى بالمظاهرات والاعتصام فى ميدان التحرير ومحاصرة قصر الاتحادية وإهانة الرئيس بفاحش القول وساقطه، لدرجة أنه أُخرج من الباب الخلفى ذات ليلة بعد تحطيم سيارته!

كان هدف المظاهرات فى بعض المراحل اقتحام قصر الرئاسة بعد محاصرته، وإعلان مجلس رئاسى يقوده رموز العلمانية، وصياغة دستور علمانى يشطب الإسلام من الوجود المصرى تمامًا ويُرضى الكنيسة وحاكمها الجديد الذى أصر أن يواصل نهج سلفه فى التمرد، والتعامل بمنطق رئيس الدولة الذى يجب أن يخضع له رئيس الدولة الأم حتى لو بدا ذلك مخالفا لطبيعة الأشياء. ومع أن كثيرًا من أبناء الطائفة طالبوه بأن يترك السياسة فإنه مصرّ عليها، وإن كانت بعض أذرعه وأبواقه تنفى أنه يلعب سياسة، وتعلن أنه يصلى من أجل مصر! ويا لها من صلاة تقود إلى النار والدمار!

معسكر الكنيسة وأتباعه من العلمانيين تصور أن بمقدوره إيهام العالم بمظاهراته أن الشعب يرفض مسودة الدستور، ولكن جموع المصريين خرجت فى مظاهرات رابعة العدوية وآل رشدان بأعداد ضخمة لتبدد الخرافة الكنسية العلمانية، ولتقول إنه لا يجوز لأحد أن يتكلم باسم الشعب أو يفرض وصايته على الجماهير المسلمة.

بعد أن تمت الدعوة للاستفتاء على الدستور صدرت الأوامر الكنسية بتوجيه النصارى فى كل مكان للخروج إلى الاستفتاء والتصويت بلا، اعتقادا من الكنيسة أنها بتحالفها مع العلمانيين ستسقط الدستور، وستحقق حلمها الشرير بشطب الإسلام من حياة المصريين.

لوحظ أن القرى والأحياء النصرانية صوتت بالكامل ضد الدستور. مثلاً إحدى القرى النصرانية بالصعيد صوتت كلها بلا، ثمانمائة وألف صوت: لا، وستة عشر صوتاً: نعم! ومعروف أن أصوات نعم كانت لمسلمين. اليوتيوب أظهر الأسقف روفائيل أحد مرشحى القرعة الهيكلية وهو يوجه النصارى أن يقولوا: لا. إعلام اللصوص الكبار بما فيه الإعلام الطائفى ادعى كذبًا أن المنابر تحرض المسلمين على التصويت بنعم ولم تقدم دليلا واحدا يثبت صحة كذبها المزمن!

كما لوحظ أن بعض السيدات النصرانيات فى لجان القاهرة والإسكندرية تحرشن بالقضاة لإثبات شخصيتهم، وافتعلن مشاجرات لتعطيل بعض اللجان، وللأمانة فقد شاركهن فى ذلك بعض العلمانيين الموالين للكنيسة!

جاءت نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات مؤيدة للدستور بنسبة 57% ولكن جبهة الكنيسة والعلمانيين لم ترضها النتيجة ولم تقنع بها وخرجت منظمات التمويل الأجنبى تشكك فى الاستفتاء وتختلق مشكلات وهواجس لا وجود لها على أرض الواقع مثلما اختلقوا كلاما زائفا ومزورا عن مكونات الدستور، وإن كان بعض قادة الكنيسة قد أعلن أنه يقبل النتيجة إذا كانت عملية الاستفتاء نزيهة!! ولكن القوم يصرون على إشغال الناس بأكاذيبهم وترهاتهم ومظاهراتهم التى أعلنوا عن قيامها لإدخال مصر من جديد فى نفق الفوضى عقب عدة أيام من الهدوء النسبى مما يعد دليلاً على ما يبدو أنه هزيمة لهم فى الاستفتاء كما قالت الواشنطن بوست.

ثم فاجأنا الملياردير الطائفى المتعصب ببيان عنيف يحمل تهديدًا واضحًا ضد الإسلاميين والرئيس والدستور على هيئة خطاب مفتوح بعث به إلى الرئيس مرسى وما سماه السلطة الحاكمة، طالب فيه بوقف حملات تشويه رموز المعارضة والوطنية فى وسائل الإعلام، من خلال ما سماه بـ “البلاغات العبثية” كما سماها، وحملة التشويه الممنهجة التى يتبناها بعض المنتفعين الذين يسعون لنيل رضا الجماعة الحاكمة. ثم يهدد متوعدًا: “لن ترهبونا، ولن تكمموا أفواهنا، ولن نتراجع”.  ويضيف: “لا تراهنوا على رصيدكم الشعبي، فقد أوشك رصيدكم على النفاذ. لن يحكم مصر إلا فصيل وطنى يندمج فى شعبها ويتخلى عن طموحاته الأممية”. 

ويتناسى أن من يهددهم لا يملكون إعلامًا مثل إعلامه وإعلام طائفته، كما أنه يتجاهل أن الرئيس منتخب، وأنه ليس الجهة المخولة بالحكم على وطنية أحد، والوطنى الحقيقى لا يخاف من البلاغات العبثية كما يسميها ولكنه يواجه القضاء بكل جرأة ليقول إننى بريء، وصرت الملياردير رقم 4 على مستوى العالم العربى هذا العام فى وطن تتهمه الكنيسة باضطهاد النصارى والتمييز بينهم، وليته اختار كاتبًا أفضل لخطابه التهديدى.

وإذا أضفنا إلى ما سبق دعوة اليهودى الصهيونى توماس فريدمان إلى تعيين رئيس أركان الجيش المصرى من النصارى للبرهنة على ديمقراطية النظام (الشرق الأوسط – لندن17/12/2012)، أدركنا أن استئذان الكنيسة مسألة ضرورية لتهدأ البلاد ويستقر العباد، وتتمكن الأقلية من إسكات الأغلبية إلى الأبد!