• أرشيف المواضيع

  • التصنيفات

  • أضفنا

    Bookmark and Share

استأذنوا الكنيسة أولاً!

54525_447860905249816_68308748_o

لو أن الرئيس المنتخب استأذن الكنيسة فيما يقول ويفعل لاختلف الأمر تمامًا. ولَسَلِم من ألسنة الكتاب والمذيعين والمتحدثين الذين يسمون أنفسهم بالقوى المدنية والوطنية، وضمن أن كلاب الحراسة الأمنية لن تصفه بالديكتاتور والطاغية وهتلر وفرعون، فضلاً عن المبتذل من الأوصاف التى لا يسمح لى خلقى بذكرها. لو استأذن الرئيسُ الكنيسة لتمّ قبول الدستور ومن قبله الجمعية التأسيسية والإعلانات الدستورية، وأيضًا ما جرى حل مجلس الشعب والتهديد بحل مجلس الشورى.. الاستئذان واجب ومطلوب من دولة الكنيسة التى صارت فوق الدولة المصرية منذ تولاها شنودة الثالث حتى شنودة الرابع الذى أعلن بكل صراحة ووضوح أنه لا يريد أن يتضمن الدستور شيئًا يشير إلى إسلامية الدولة أو دينية الدولة وفقا لتعبيره الدقيق، حيث رأى أن المادة 220 التى صارت 219 فى الترتيب الدستورى مادة كارثية!

الكنيسة لا تريد أى أثر للإسلام فى مصر المسلمة، ورئيسها استقبل رموز التيار العلمانى جميعًا، وعندما أراد مرشد الإخوان أن يذهب لتهنئته، رفض الزيارة التى تحدد موعدها من قبل، وفقا لمنهجه فى المحبة!

بعد أن زار رموز التيار العلمانى الكنيسة وتلقوا بركاتها انسحبوا من الجمعية التأسيسية، ومعهم ممثلو الكنائس الثلاث: الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية. وكانت هناك ضغوط لسحب ممثلى الأزهر، ولكن الله سلّم.  

ومع متابعة الجمعية التأسيسية لعملها فى إنجاز الدستور قام العلمانيون ومعهم لأول مرة أعداد هائلة من النصارى بالمظاهرات والاعتصام فى ميدان التحرير ومحاصرة قصر الاتحادية وإهانة الرئيس بفاحش القول وساقطه، لدرجة أنه أُخرج من الباب الخلفى ذات ليلة بعد تحطيم سيارته!

كان هدف المظاهرات فى بعض المراحل اقتحام قصر الرئاسة بعد محاصرته، وإعلان مجلس رئاسى يقوده رموز العلمانية، وصياغة دستور علمانى يشطب الإسلام من الوجود المصرى تمامًا ويُرضى الكنيسة وحاكمها الجديد الذى أصر أن يواصل نهج سلفه فى التمرد، والتعامل بمنطق رئيس الدولة الذى يجب أن يخضع له رئيس الدولة الأم حتى لو بدا ذلك مخالفا لطبيعة الأشياء. ومع أن كثيرًا من أبناء الطائفة طالبوه بأن يترك السياسة فإنه مصرّ عليها، وإن كانت بعض أذرعه وأبواقه تنفى أنه يلعب سياسة، وتعلن أنه يصلى من أجل مصر! ويا لها من صلاة تقود إلى النار والدمار!

معسكر الكنيسة وأتباعه من العلمانيين تصور أن بمقدوره إيهام العالم بمظاهراته أن الشعب يرفض مسودة الدستور، ولكن جموع المصريين خرجت فى مظاهرات رابعة العدوية وآل رشدان بأعداد ضخمة لتبدد الخرافة الكنسية العلمانية، ولتقول إنه لا يجوز لأحد أن يتكلم باسم الشعب أو يفرض وصايته على الجماهير المسلمة.

بعد أن تمت الدعوة للاستفتاء على الدستور صدرت الأوامر الكنسية بتوجيه النصارى فى كل مكان للخروج إلى الاستفتاء والتصويت بلا، اعتقادا من الكنيسة أنها بتحالفها مع العلمانيين ستسقط الدستور، وستحقق حلمها الشرير بشطب الإسلام من حياة المصريين.

لوحظ أن القرى والأحياء النصرانية صوتت بالكامل ضد الدستور. مثلاً إحدى القرى النصرانية بالصعيد صوتت كلها بلا، ثمانمائة وألف صوت: لا، وستة عشر صوتاً: نعم! ومعروف أن أصوات نعم كانت لمسلمين. اليوتيوب أظهر الأسقف روفائيل أحد مرشحى القرعة الهيكلية وهو يوجه النصارى أن يقولوا: لا. إعلام اللصوص الكبار بما فيه الإعلام الطائفى ادعى كذبًا أن المنابر تحرض المسلمين على التصويت بنعم ولم تقدم دليلا واحدا يثبت صحة كذبها المزمن!

كما لوحظ أن بعض السيدات النصرانيات فى لجان القاهرة والإسكندرية تحرشن بالقضاة لإثبات شخصيتهم، وافتعلن مشاجرات لتعطيل بعض اللجان، وللأمانة فقد شاركهن فى ذلك بعض العلمانيين الموالين للكنيسة!

جاءت نتيجة المرحلة الأولى من الانتخابات مؤيدة للدستور بنسبة 57% ولكن جبهة الكنيسة والعلمانيين لم ترضها النتيجة ولم تقنع بها وخرجت منظمات التمويل الأجنبى تشكك فى الاستفتاء وتختلق مشكلات وهواجس لا وجود لها على أرض الواقع مثلما اختلقوا كلاما زائفا ومزورا عن مكونات الدستور، وإن كان بعض قادة الكنيسة قد أعلن أنه يقبل النتيجة إذا كانت عملية الاستفتاء نزيهة!! ولكن القوم يصرون على إشغال الناس بأكاذيبهم وترهاتهم ومظاهراتهم التى أعلنوا عن قيامها لإدخال مصر من جديد فى نفق الفوضى عقب عدة أيام من الهدوء النسبى مما يعد دليلاً على ما يبدو أنه هزيمة لهم فى الاستفتاء كما قالت الواشنطن بوست.

ثم فاجأنا الملياردير الطائفى المتعصب ببيان عنيف يحمل تهديدًا واضحًا ضد الإسلاميين والرئيس والدستور على هيئة خطاب مفتوح بعث به إلى الرئيس مرسى وما سماه السلطة الحاكمة، طالب فيه بوقف حملات تشويه رموز المعارضة والوطنية فى وسائل الإعلام، من خلال ما سماه بـ “البلاغات العبثية” كما سماها، وحملة التشويه الممنهجة التى يتبناها بعض المنتفعين الذين يسعون لنيل رضا الجماعة الحاكمة. ثم يهدد متوعدًا: “لن ترهبونا، ولن تكمموا أفواهنا، ولن نتراجع”.  ويضيف: “لا تراهنوا على رصيدكم الشعبي، فقد أوشك رصيدكم على النفاذ. لن يحكم مصر إلا فصيل وطنى يندمج فى شعبها ويتخلى عن طموحاته الأممية”. 

ويتناسى أن من يهددهم لا يملكون إعلامًا مثل إعلامه وإعلام طائفته، كما أنه يتجاهل أن الرئيس منتخب، وأنه ليس الجهة المخولة بالحكم على وطنية أحد، والوطنى الحقيقى لا يخاف من البلاغات العبثية كما يسميها ولكنه يواجه القضاء بكل جرأة ليقول إننى بريء، وصرت الملياردير رقم 4 على مستوى العالم العربى هذا العام فى وطن تتهمه الكنيسة باضطهاد النصارى والتمييز بينهم، وليته اختار كاتبًا أفضل لخطابه التهديدى.

وإذا أضفنا إلى ما سبق دعوة اليهودى الصهيونى توماس فريدمان إلى تعيين رئيس أركان الجيش المصرى من النصارى للبرهنة على ديمقراطية النظام (الشرق الأوسط – لندن17/12/2012)، أدركنا أن استئذان الكنيسة مسألة ضرورية لتهدأ البلاد ويستقر العباد، وتتمكن الأقلية من إسكات الأغلبية إلى الأبد!

ساويرس والتخابر مع إسرائيل


منذ أكثر من أسبوع وجريدة الدستور التي يمتلكها رجل الأعمال المستنير رضا إدوارد ، تنشر المستندات والمحاضر المتعلقة بتخابر شركة موبينيل التابعة لرجل الأعمال الصليبي الأهوج نجيب ساويرس ، مع كيان العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين ..

لم تثر هذه الفضيحة الكبري اهتمام أدعياء العلمانية والليبرالية الذين خانوا الله ورسوله قبل أن يخونوا الوطن ، لم يثر هذا الكلام اهتمام الخنازير التي يعلفها ساويرس ويملأ كروشها بالأموال الحرام ..

لم يثر هذا الكلام اهتمام مارينز الكاتدرائية المرقصية الذين قلبوا الدنيا لأنهم وجدوا علما في ميدان التحرير كُتبت عليه شهادة التوحيد ، واتهموا السلفية بالعمل لحساب السعودية وتلقي 5 مليار دولار وخيانة الوطن ! لم يثرهم تخابر ساويرس مع الكيان الصهيوني ، ولم يثرهم نقله جميع المكالمات لشبكات الاتصال بكيان العدو النازي ..

لم يثرهم أن تقوم جريدة علي مدار أيام متواصلة بعمل مانشيتات رئيسية عن قضية التخابر المتهم فيها ساويرس وشقيقه سميح .. حتي البرامج التي يمولها ساويرس وتعني بعرض ما جاء في الصحف لا تتحدث من قريب ولا من بعيد عن هذه الفضيحة ..

بل أغرب من ذلك أن كنيسة اليوم السابع التي افتعلت قطيعة وخصاما مع ساويرس من خلال ثلاثة أخبار تافهة عن تخلي ساويرس عن مصابي الثورة ، لم تتحدث نهائيا عن قضية التخابر مع إسرائيل .. !

وزادت عليها إبراشية المصري اليوم التي زجّت باسم جماعة الإخوان المسلمين في قضية الجاسوس الصهيوني ” إيلان تشايم ” وادعت كذباً وزوراً أنه قابل أعضاء من الجماعة ، هذه الجريدة الصفراء التي احترفت نشر الإفك والبهتان لم تشر مجرد إشارة إلي قضية تخابر ساويرس مع إسرائيل ..

الكلاب المسعورة التي تنهش آناء الليل وأطراف النهار في التيارات الإسلامية بسبب أكاذيب لا أساس لها من الصحة ، تلتزم الخرس التام ، وكأن ساويرس يقيم في فنزويلا وليس في مصر ! وكأن أيضاً ما فعله ساويرس لا يثير الانتباه ولا يعد عملا عدوانيا ضد مصر وشعبها !

إنه لمن الباعث علي الغثيان تلك الازدواجية المفضوحة لوسائل الإعلام الرقيعة التي يدعي أصحابها العلمانية والليبرالية ، وهم في الواقع مجرد خدم ومرتزقة في حرب صليبية يقودها شنودة وساويرس ..

يوم أن تحدث الشيخ حسين يعقوب عقب نتائج الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في 19 مارس الماضي ، ووصف نتيجة الاستفتاء بأنها كانت ” غزوة الصناديق ” حدث الانفجار الكوني العظيم ! طارد العلمانيون والملحدون الشعب المصري في كل مكان ” دار دار .. زنقة زنقة ” .. حتي أن المرء كان يخشي أن يحلم بأحد أدعياء العلمانية وهو يندد بـ ” غزوة الصناديق ” !

توقفت مصالح الشعب المصري لمدة شهر أو يزيد بسبب ” غزوة الصناديق ” رغم أنها كلمة عادية جدا ، إلا أن أولاد الأفاعي أبو إلا أن ينالوا من الإسلام والمسلمين بسبب تصريح يعبر عن سيطرة الإسلاميين علي الشارع المصري وهو ما تجلي في حسم نتيجة الاستفتاء لصالحهم .

نفس الشئ حدث مع قطع أذن الشقي النصراني ” أيمن متري ” في قنا بالصعيد ، حوّل إعلام البغاء العلماني الليبرالي هذه الحادثة إلي ” إقامة حد ” ، رغم أنه لا يوجد حد في الإسلام يدعي ” قطع الأذن ” ، وتحوّل الموضوع من شقي يمتلك شقة للدعارة إلي ضحية وشهيد للوهابيين الذين جاءوا من قندهار !

المضحك أنه عقب الضجة الكبري التي افتعلها شبيحة ساويرس ومارينز شنودة حول أذن أيمن متري ، استُشهدت ” سلوي عادل ” النصرانية التي أشهرت إسلامها هي وأطفالها علي يد ميليشيات مسلحة تابعة للكنيسة المرقصية ، لم تحظي روح سلوي عادل علي ذرة من الاهتمام الذي حظيت به أذن أيمن متري ..

وهذا ما يؤكد أن الكنيسة المرقصية وقوي الشر العالمية عندما اختارت الكلاب العلمانية الليبرالية ، تعمّدت اختيار العناصر الشيفونية المنحطة التي تعاني من اضطرابات نفسية مريعة ، تجعلها تري الفسيخ شربات .. وتري العهر التزام .. وتري الخيانة وطنية ..

إن القضية المتهم فيها الصليبي نجيب ساويرس ، تتعلق بأمن واستقرار البلاد ، وتثبت أنه كاره لمصر وشعبها ويتحالف مع كيان القتلة الإرهابيين في فلسطين المحتلة ، ورغم ذلك ” لا حس ولا خبر ” ..

ولو كان المتهم في هذه القضية مسلما لجعلوه إخوانيا سلفيا وهابيا طالبانيا يعمل لحساب السعودية ، ولشاهدنا عشرات البرامج التي تتحدث عن ولاء الإخوان والسلفيين للخارج ، ولقرأنا عشرات الدراسات التي تتحدث عن أن هذا التصرف يدل علي أن ” المسلمون جاءوا من الجزيرة العربية وأنهم يحتلون مصر ” ولكُتبت المعلقات التي تهجو الإسلام والمسلمين ..

في حالة ساويرس الخيانة حلال زلال .. وهو نفس ما يفعله شبيحة ساويرس مع خيانة المعلم يعقوب حنا الذي خان مصر إبان الحملة الصليبية الفرنسية ، وتحالف مع جنود الحملة ضد مصر ، وعمد إلي تعذيب النساء والأطفال وانتهي به المطاف أن يخرج ذليلا مهانا لتزهق روحه الشريرة في باخرة حربية ويدفن جسده المتعفن النافق في مقبرة بمارسيليا ..

ما أشبه اليللة بالبارحة .. وما أشبه خيانة ساويرس بخيانة المعلم يعقوب .. وما أشبه خسة أدعياء العلمانية والليبرالية بخسة الخصيان والغلمان الذين تحالفوا مع أعداء مصر وكان مصيرهم مزبلة التاريخ .

إننا الآن إزاء جريمة تتمثل في تخابر ساويرس مع الكيان الصهيوني ، بإقامة برج هوائي علي الحدود مهمته نقل المكالمات لدولة العدو النازي مما يعد خرقا خطيرا لأمن مصر .. إلا أن الجريمة الكبري التى تفوقت علي خيانة ساويرس هي صمت القبور الذي انتاب أدعياء العلمانية والليبرالية الذين يتربصون بكل ما هو إسلامي لعمل حفلة ” زار ” كبري للتشهير والشنيع بالإسلام والمسلمين ..

الجريمة الكبري هي خرس برامج التوك شو و ” مذيعات الليل ” عن التعرض لجريمة ساويرس التي تهدد أمن مصر ..

لقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما تحدث الأستاذ صبحي صالح عن زواج الإخواني بغير إخوانية ، وثارت ضجة حول كلمة ” فلوطة ” التي استخدمها صالح في التعبير عن جهل الإخواني بأمر الزواج من غير إخوانية – رغم اختلاف العديد من الإخوان مع رأي الأستاذ صالح – صارت كلمة صالح وظيفة لكل العاطلين من أدعياء العلمانية والليبرالية ، وكُتبت الأعمدة الممزوجة بالفودكا والدخان الأزرق للهجوم علي صالح وجماعة الإخوان ..

وهو نفس ما حدث مع غزوة الصناديق ، وأى تصريح مشابه سابق أو لاحق ..

السفاهة والتفاهة هي الشغل الشاغل لشبيحة ساويرس .. أما أن يقوموا للدفاع عن البلد ضد خيانة ساويرس فهذا هو المستحيل ..

إننا وإن كنا نعيب علي أدعياء العلمانية والليبرالية تجاهل خيانة ساويرس وتحالفه مع كيان القردة والخنازير ، فنحن نعلم توجهاتهم الإجرامية وأنهم يحاربون الله ورسوله ..

لكن المثير للعجب هو تجاهل الإعلام الإسلامي لهذه القضية الخطيرة .. الفضائيات الإسلامية مطالبة بعمل حلقات حول خيانة ساويرس واستعراض الماضي الصليبي المشين من المعلم يعقوب حنا مرورا بـ نظير جيد وعدلي أبادير وزكريا بطرس ويوتا مرقص عزيز والأنبا توماس والأنبا بيشوي انتهاء بـ ساويرس ..

كذلك المواقع والصحف الإليكترونية الإسلامية مطالبة بنشر التحقيقات في هذه القضية الخطيرة وتوعية الرأي العام بخيانة ساويرس ..

انظروا ماذا فعل ساويرس بتصريح غزوة الصناديق وتصريح صبحي صالح .. أفلا تكفي خيانته للوطن ومن قبل سبه للإسلام أن تفضحوه وتعروه أمام الشعب المصري ؟

إن ساويرس يعتمد في حربه الإجرامية علي الإسلامية ، علي سياسة ” ولا من شاف ولا من دري ” لذلك فإن سيطرته المقيتة علي وسائل الإعلام ، جعلت خيانته للوطن قضية هامشية لا يعلم بها أحد .. وعلي الإعلام الإسلامي أن يكسر هذا الصمت ويتحدث ، فإذا لم نتحدث اليوم فلا نلوم إلا أنفسنا .

الإسلام الذي تريده الكنيسة !

صُدمتُ وفُجعتُ وأَلِمْتُ حينما طالعت في صحيفة موالية للكنيسة ما سمته وثيقة تجديد الخطاب الديني ؛ منسوبة إلى عدد كبير من المهتمين بالشأن الإسلامي من علماء ودعاة وكتاب وغيرهم .. الصدمة أن الجريدة الطائفية التي يحررها مسلمون اسما ، قد وضعت 22 بندا تصبُّ في تحويل الإسلام من دين أوحي به إلى النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى شيء آخر لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد ، إنه دين كنسي بامتياز لا علاقة له بطبيعة الإسلام الذي يصنع الضمير ، ويربط المسلم بربه في أقواله وأفعاله ، ويجعله يحيا عزيزا كريما كما أراد له رب العالمين .

صحيح أن الجريدة الطائفية صحّحت ما نسبته إلى المهتمين بالشأن الإسلامي ، وأن ما ذكرته كان خلاصة اجتهادهم المفترض ، واعترفت أن ما نشر هو من تخطيط وتفكير محرريها الأشاوس الذين أرادوا تجديد الخطاب الديني الإسلامي لكي تكون صورة الإسلام مُرضية للخارج والداخل ، ولا يرى الناس فيه تطرفا أو إرهابا كما يرون الآن .

وصحيح أيضا أن بعض المعنيين بالشأن الإسلامي ممن نسبت إليهم الصحيفة الموالية للكنيسة الاجتهاد في تجديد الخطاب الديني نفوا ما نشر، وقالوا إننا أجبنا عن جزئيات لا تحتمل المعنى أو الصياغة التي لجأت إليها الجريدة الطائفية .. ولكن يبقى السؤال :

لماذا لم تحاول الجريدة الطائفية أن تفتح ملف الخطاب الديني الكنسي الذي تتبناه الكنيسة ، وهو الأولي بالفتح والمناقشة ، لأنه خطاب إرهابي ابتزازي انعزالي انفصالي ؟

بالطبع لم تحاول الجريدة الموالية للكنيسة أن تفتح ملف الخطاب الديني الكنسي في مصر ، لأنها تعلم أولا أن هذا الخطاب هو الذي يقوم على تمويلها ، ثم إنه ثانيا يقوم على فكر جماعة الأمة القبطية الإرهابية ومدارس الأحد الانعزالية ، وكان من تلاميذها رئيس الكنيسة الحالي ، وهذا الفكر يؤمن أن مصر الإسلامية محتلة من قبل ( المسلمين !) البدو الغزاة الأجلاف الذين قدموا من الجزيرة العربية ويجب أن يعودوا إليها ، وأن اللغة العربية ليست لغة النصارى ، الذين يجب أن يستعيدوا اللغة الهيروغليفية بدلا من هذه اللغة التي تعد لغة محتلين أو مستعمرين ، ثم إن هذا الفكر الكنسي الابتزازي يعتمد على تمسك السلطة بكراسيها على حساب أية قيمة أو معتقد فتبتز النظام ، بناء على الاستقواء بالغرب الاستعماري الصليبي وفي مقدمته الولايات الأميركية المتحدة .

وقد استطاع هذا الفكر بعد أربعين عاما من تولى رئيس الكنيسة الحالي لمنصبه أن يحقق من خلال الطائفة الفكرة الانعزالية عن البيئة الحاضنة وهي مجتمع الأغلبية الإسلامي ، وأصبح كثير من أتباع الكنيسة يجاهرون اليوم بضرورة العمل على الانفصال عن هذه البيئة ، وتكوين دولة مستقلة مثلما حدث في السودان للأقلية الكاثوليكية هناك ..

أولياء الكنيسة في الصحيفة التي تسعى لتغيير الخطاب الإسلامي ، ينطلقون من كون الإسلام هو الذي يصنع المشكلات المفتعلة للحكام وللكنيسة وللمجتمع ، ولذا تصوغ ما تسميه وثيقة تجديد الخطاب الديني – لم تقل الإسلامي صراحة – ولكنها تقصد الإسلام عمليا وتطبيقيا ، وبنود الوثيقة المزعومة تتناول العقيدة والشريعة بمنتهى الصراحة والوضوح ، وتدخل في صلب الثوابت الإسلامية التي لا يستطيع أحد أن يمسها.

ولكن القوم يريدون إرضاء الكنيسة والغرب والنظام ، وفي سبيل ذلك يستبيحون المقدسات ، وينسبونها كذبا إلى المهتمين بالشأن الإسلامي ، وحين ينكشفون ينسبونها إلى شباب المحررين الذين لم يقرءوا كتابا في العقيدة أو الشريعة أو يعلموا عن الإسلام أكثر من الأميين الذين يلتقطون معارفهم الدينية من هنا أو هناك . ومع ذلك يجدون في أنفسهم الجرأة ليكونوا عنوانا على مناقشة قضايا من قبيل ضبط المصطلحات السياسية المتعلقة بالدين مثل الجزية والخلافة ، ومفهوم الاختلاط وعلاقة الرجل بالمرأة في الإسلام ، وضبط الرؤية الإسلامية للمرأة وتوفيق أوضاع قوانين الأحوال الشخصية، والثورة التي تقتلع الجذور الفقهية التي أفسدت علينا الدين بمفهومهم ، وقطع ألسنة من يرى أن المرأة متاع للزوج ومجرد متعة حسب ما يقولون ؛ لأن الإسلام جعل للمرأة كيانا. والجهاد الذي يوجه ضد المحتلين في بلاد المسلمين، والخطباء الذين يحثون على الجهاد دون قياس المصالح فيه والمنافع.

وغالبية المسلمين الذين يجاهدون في المكان والزمان الخطأ ، وفق تصوراتهم ، وصد هجمات تدين الظاهر والطقوس الغريبة القادمة من دول الجوار في ثلاثين السنة الأخيرة، وتقليد ملابس دول الجوار في اللحى الكثيفة التي تصل إلى تحت الصدر، والجلباب الذي لم يكن متداولا إلا لدى أهل الريف، وأهل الصعيد، والمرأة التي ارتدت النقاب بشكل فيه تزيد وإسراف ..

وإذا كانت هذه القضايا تبدو مطروحة للنقاش بصورة ما ، فإنهم يتجاوزون إلى قضايا أخرى هي صلب ما يريدون ، وهي أيضا غاية المراد فيما يسمونه تجديد الخطاب الديني ، ليس في وسائل الدعوة كما يزعمون ، ولكن في تغيير المضمون الإسلامي ، فما بالك بمن يريد الفصل بين الدين والدولة ؟ ومن يريد فرض العلمانية ؟ ومن يرى فيها مذهبا يقوم على فكرة الفصل بين الدين والدولة، ويعد الدين أمرا لا شأن له بالدولة.

ويقول إن العلمانية ” لا يجب النظر إليها كمضاد للدين ” وفق تعبيرهم الركيك ، وإنما ننظر إليها على أنها لا تريد استخدام الدين في شؤون السياسة والمتاجرة به ؟ ، ثم ينتقلون إلى ما يسمى “الدعوة إلى الفضائل المشتركة بين الأديان ، وصياغة العلاقة بين أتباع الديانات من خلال المدرسة والمسجد والكنيسة لإنهاء حالة التعصب ” ، أي إن التعصب في منظورهم سمة من سمات المسلمين كما تفترض الوثيقة المزعومة ، وسوف ينتهي عندما يقدمون للمسلمين الفضائل المشتركة للأديان ، وكأن فضائل الإسلام وحدها قاصرة عن معالجة التعصب إذا كان هناك تعصب ، وكأن الإسلام بذاته يحث على التعصب وضيق الأفق ، ورفض غير المسلمين !!.

ثم تنتقل الوثيقة المزعومة إلى أمر آخر خطير تخلط فيه وتدلس لقبول الربا ، والعمل به من خلال ما يسمونه “عدم تنفير الناس من النظم الاقتصادية بتحريم التعامل مع البنوك ” وطرح فكرة البنوك الإسلامية بطريقة تثير الريب والشك .

وتطالب الوثيقة بالاعتراف بحق المرأة في رئاسة الجمهورية وقيادة الأمة ورئاسة الجمهورية لأن مرد ذلك إلى صناديق الانتخاب، واختيار الناس، مع الاعتراف أيضا بحق المسيحي ( ونسيت الوثيقة اليهودي والبهائي والماسوني وعابد الشيطان ) في رئاسة الجمهورية و المناصب المهمة لأن الإسلام وضع أول نموذج للمواطنة، ظهر في ميثاق المدينة الذي وضعه النبي – صلى الله عليه وسلم – عند إنشاء مجتمع المدينة المنورة! وترتب الوثيقة المزعومة على ذلك ضرورة فصل الخطاب الديني عن السلطة وإعادة ربطه بحاجات المجتمع وتغيراته ، لأن الأصل في الدعوة الإسلامية هو التركيز على الجانب الدعوى والتربوي وضبط السلوكيات.

ولا أدري لماذا الإصرار على اللعب بالإسلام وتغييره ، ونسبة التعصب والجمود إليه ، وعده سببا لمشكلات المجتمع والسلطة والطوائف الأخرى،مع أنه المعتدى عليه وعلى أهله دائما ، والمطارد في المدارس والجامعات وأجهزة الإعلام والصحافة والمنتديات والثقافة والأعمال الخيرية ؟

إن المستعمرين الصليبيين المتوحشين يوم صنعوا النخب المحلية الخائنة الموالية لهم جعلوا على رأس أولوياتهم محاربة الإسلام وتشويهه ، ومعاملته مثلما كان الغرب الاستعماري الصليبي المتوحش يعامل الكنيسة في القرون الوسطى ، وحين قامت الثورة الفرنسية كان شعارها اقتلوا آخر ملك بأحشاء آخر قسيس ، لأن القساوسة كانوا يملكون الحرمان والغفران ، وسيطروا على كل شيء في الغرب ، ليس بحكم المسيحية ، وإنما بحكم تفسيراتهم الخاصة وتغولهم على المجتمع .. بينما الإسلام لا يوجد فيه رجال دين يملكون سلطة على أحد ، والناس موكولون إلى ضمائرهم وحسابهم على الله !

لماذا الإصرار على تغيير الإسلام بينما الكنيسة التي شعارها دع ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر ” تمارس السياسة ، وتؤصل للتعصب ، ولتقسيم البلاد ، وترفض أي تفسير للإنجيل عدا تفسير رئيسها الحالي ولو كان المفسرون من كبار الأساقفة ، وتتحالف مع السلطة البوليسية الفاشية لشطب الإسلام واستئصاله من المجتمع المصري ؟

لاشك أن وثيقة تجديد الخطاب الديني أكبر من المحررين الشبان التي نسبت إليهم ، وأن وراءها ما وراءها .. ولكن هل نبيع الإسلام من أجل دولة الكنيسة المستقوية بالغرب الاستعماري الصليبي ؟